الطفل العامل:الاسباب والآثار.
أيّتها الأخوات والأخوة،مشرفات ومشرفين،عضوات وأعضاء،زائرات وزوّار منتدى الطّفل والطّفولة،السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذا أوّل موضوع بقلمي خصّصته لكم أوّلا ولمسابقة الأقلام الذّهبيّة ثانيا.
أتمنى
أن يحوز اهتمامكم وينزع اعجابكم ويكتب لنا جميعا فيه حسنة نلقى بها الله
يوم لا ينفع لا مال ولا بنون الاّ من أتى الله بقلب سليم.
وعلى
بركة الله أبدأ كلامي الذي يتمحور حول ظاهرة عمالة الأطفال،فنتساءل بداية
عن تعريف الظاهرة،ونبحث ثانيا في أسبابها،ونحاول ثالثا تبيين الآثار النّاجمة عنها.
التّعريف :ليس
هناك تعريف محدّد لعمالة الأطفال نظرا لتضارب الآراء واختلافها:فهناك من
يقصّر تعريفه على الأطفال الذين يعملون مقابل أجرة،بينما يرى البعض الآخر
انّ التعريف يشمل الأطفال الذين يعملون داخل نطاق الأسرة دون أجر وحتّى الذين يقطنون في الشوارع !.
ويقصد
بتشغيل الأطفال توظيفهم واستخدامهم عمّالا بأجور أو غيرها،ونظرا لأن
الظاهرة قديمة وعالميّة أيضا،فلقد شكّل تشغيل الأطفال دون سنّ العاشرة خلال
القرن الثّامن عشرالميلاديّ مشكلة اجتماعيّة في بريطانيا أثناء الثورة
الصناعيّة لتنتشر المشكلة بعد ذلك الى الدّوّل الأخرى عندما تحوّلت الى
بلاد صناعيّة.وهذا لا ينفي عدم وجودها عندنا في البلاد العربيّة لأنّنا ما
زلنا نعتمد على الزراعة،بل انّ الطفل عندنا يشتغل في أي شيء وكلّ شيء وفي
ظروف قاسيّة،بل انّ أعداد الأطفال المتضرّرين منها في تزايد مستمرّ ومع ذلك
لا توجد احصاءات دقيقة لعدد هؤلاء الأطفال نظرا لعدم وجود تعريف موحّد
للظّاهرة(الكارثة) كم أسلفت فوق. فما هي أهم أسباب تشغيل الأطفال وتأثيرات
ذلك على الطفل والمجتمع؟
هناك أسباب كثيرة لهذه المشكلة/الكارثة،الاّ أنّ وجهات النظر والآراء المفسّرة لها استقرّت كلّها على أنّ أولى الأسباب التي تدفع الطّفل للخروج المبكّر لسوق العمل-تاركا وراءه حقوقا كثيرة- هو عامل الفقرأو ما يصطلح عليه بالعامل الاقتصاديّ.
انّ
الفقر هو السبب الرئيسي الذي يلقي بالطّفل في مستنقع الشغل لزيادة مدخول
الأسرة الماليّ من أجل البقاء علما بأنّ عمل الطّفل يزيد من فقر الأسرة
لأنّه يحرم الطّفل من حقّه في التعلّم الذي قد يخلق له فرصة عمل أحسن
مستقبلا.كما انّ عمالة الأطفال الرّخيصة تجذب أصحاب العمل لاستخدام الأطفال
ممّا يسبّب نسبة بطالة مرتفعة بين البالغين.
والطّفل
الذي يعمل بسبب الفقر يترك التعليم ويتّجه الى سوق العمل المبكّروهناك
علاقة وطيدة بين تخلّف المناهج التعليميّة-الطّاردة- وتوجّه الطّفل الى
العمل:ارتفاع نسبة التسرب الدراسي في السنين الأخيرة بسبب المناهج الطّاردة
ووجود اشكاليات واضحة في التّشريع حيث لم يضع المشرّع أيّ مسؤوليّة على
صاحب العمل عند مرض الطّفل بسبب العمل،وعدم متابعة ومراقبة
تنفيذ الالتزامات التي فرضها القانون على أصحاب العمل،وكذا ضعف المسؤولية
الجنائيّة سواء بالنسبة لربّ العمل أو أولياء الأمور(الوالدين ومن يقوم
مقامهما).
كما
أنّ كثرة الأفراد في الاسرة تعتبر من الاسباب الرئيسية لانتشار الظاهرة
لأن مدخولها لايكفي لاعالتهم وهذا يدفع الطفل للعمل للمساهمة هو واخوته في مدخول الاسرة في الحالة العادية لكن المشكلة تتعمّق عند مرض أحد أفرادها.
وما
يزيد من استفحال الظاهرة وتجذّرها في المجتمع تدنّي المستوى الثقافي
للآباء والأمّهات(ارتفاع نسبة الأمية بينهم) ،وهذا الانخفاض في الوعي يقلّل
من قيمة الحماية لهؤلاء الأبناء.
انّ
اتّساع الظاهرة راجع بالاساس الى تزايد عدد الدّاخلين فيها وتنوع أشكال
عمالتهم الشّيء الذي يزيد من أشكال المخاطر التي يتعرّضون لها وأساليب
الاستغلال والحرمان من ممارسة حقّهم في طفولة آمنة ومستقرّة.اذن فماهي آثار
هذه الظاهرة؟
- يتعرّض الأطفال عند تواجدهم بالعمل الى مخاطر قد تعوق نموّهم،فالأطفال في طور النّموّ وأقلّ تحمّلا
لمصاعب العمل،والضغوط النفسيّة التي تصاحب العمل،مع عدم تقديم رعاية
صحّيّة لهم،كما أنّ الأحداث العاملين يتعرّضون لسوء التغذيّة والأمراض
المتوطّنة ممّا يؤدّي الى ضعف مقاومة الجسم للأمراض المختلفة...ويتعرّض الأطفال العاملين الى الكثير من المخاطر الصّحّيّة وأمراض المهنة وحوادث الشغل...
- عمل الأطفال في سنّ مبكّرة يؤثّر سلبا على المناحي النفسيّة للطّفل،فعوض ان يكون له مقعد في المدرسة تجده في العمل،وهذا من شأنه أن يضعف ذكاءه، ولا يساعده العمل المبكّر على التّوافق الشّخصيّ والاجتماعيّ والتّوافق العامّ.
كما
انه قد تكون لعمالة الأطفال آثار ايجابية على الطفل:-التّدريب على تحمّل
المسؤولية من الصّغروالاحساس بالرجولة المبكّرة والاعتماد على النفس أكثر
من الاعتماد على الآخرين والزيادة في دخل الاسرة وتحسين مستواها المعيشيّ
وتعلّم العديد من الحرف في الصّغرممّا يزيد من مهارات الطفل وقدراته في
الكبروسدّ النقص في العديد من المهن التي تأثّرت بالمتغيّرات الاقتصاديّة
بعد هجرة عديد من التّخصّصات.
ولابدّ
من الاشارة بأنّ عمالة الأطفال لا تقتصر على الأطفال من الذكورفقط،فهي لم
ترحم أو لم تفرّق بينهم وبين الاناث،اذ يوجد حوالي 5 ملايين طفلة عاملة
بالمنطقة العربيّة لمساعدة الأسرة أو للانفاق على الذّات أو بسبب الفشل
الدراسيّ أو بهدف تعلّم صنعة..
وتعتبر
ظاهرة عمالة الأطفال من أخطر الظّواهر الاجتماعيّة بسبب الكمّ الهائل من
الانتهاكات التي يتعرض لها الطفل/ة العامل/ة على كافة المستويات:بدنيّا
ونفسيّا وجنسيّا.
فمتى
سننتبه كآباء واولياء وجمعيات ومجتمع مدني ومسؤولين حكوميين ومتخصّصين
تربويين ونفسيّين الى أولادنا ونهتم بهم ونرعاهم لاعدادهم وتكوينهم أحسن
تكوين ليصبحوا رجال الغد بدل أن يعملوا في الصغر ويصبحوا عرضة للاستغلال
والاعتداء.؟.
-لن أقيّد الموضوع بأيّ سؤال،أترك لكم حرية التعبير للادلاء بأفكاركم النّيّرة والقيّمة.
الرئيسية 
الإثنين مارس 16, 2015 1:32 pm
