السلام عليكم

أصل الاختلاف
قبل تبني الخطاب
السيكولوجي العلمي في رفض الجنسية المثلية أو الدفاع عنها، لابد من التحدث
عن رؤية علم النفس نفسه للميل المثلي كسلوك جنسي حتى يتسنى التحدث انطلاقا
من قاعدة معرفية موضوعية ومثينة، دون الحاجة إلى محاولة إقناع الناس بخطاب
تهويلي ومفعم بالأحكام القيمية.
قبل السبعينيات كان علم النفس ينظر إلى
المثليين على أنهم ((مضطربين نفسيا وممارساتهم الجنسية الشاذة أعراض لهذا
الاضطراب)). في هذا السياق تكثفت الدراسات العلاجية لتتوج بطرق عالم النفس
الأمريكي Joseph Nicolesi التي لاقت نجاحا مهما في تغير المثليين إلى
السلوك الغيري (العادي) بأسلوب يسميه السلوكيين ((إعادة التعلم))، من تم
تأسست الجمعية الوطنية لعلاج الجنسية الأمريكية والتي أطرت وساعدت هيئات
استشفائية في العديد من الدول على تقديم خدمات علاجية للمثليين لمساعدتهم
في التحول إلى الجنس الطبيعي.
في دسمبر 1973، سحبت الجمعية الأمريكية
للطب النفسي الجنسية المثلية من قائمة الاضطرابات النفسية لتقرر أن السلوك
المثلي ((اختيار ونمط حياة ولا يعكس بالضرورة اضطرابا نفسيا)). من تم أقدم
المعالجين النفسانيين على اعتماد هذا التقرير، وفجأة تم التخلي عن المنهج
التغييري ليصبح بالتالي مفهوم العلاج مقتصر على إقصاء الشعور بالذنب وتقبل
الذات والاعتزاز بالاختيار الحر. حدث هذا التغيير في الوقت الذي كان فيه
الكثير من المثليين يطلبون فعلا التغيير إلى الجنس الطبيعي ليجدوا إصرار من
المعالجين على التوجيه نحو تقبل الذات!
جاء رد فعل الفريق الأول بأبحاث
أجريت على 882 جنسي مثلي ذكورا وإناثا حيث أكد 96% منهم على أن الاعتبارات
الدينية والقيم الأخلاقية مهمة بالنسبة لهم وبسببها يطلبون التغير. لهذا
قرروا (المعالجين) أنه من غير المعقول عدم تلبية طلب المثليين الراغبين في
التغير في الوقت الذي تتاح فيه الطرق العلاجية والتي نجحت بشكل منقطع
النظير مع العينة المدروسة.
في المقابل انتقد رواد طريقة تقبل الذات
دراسة Nicolesi، حيث استنتجوا أن رغبة المثليين في التغير واعتقادهم الديني
بعدم مشروعية اتجاههم الجنسي، هو ما دفعهم إلى التغير وليس الطرق العلاجية
التي يتحدث عنها، خصوصا وأن هذه الأخيرة صعبة التطبيق وتستمر لمدة تتراوح
ما بين 3 إلى 5 أشهر.
جوهر الخلاف
طبعا لا يزال هذا
الصراع بين الاتجاهين العلاجيَين إلى اليوم. لكن الأسئلة الملحة التي
تتبادر إلى الأذهان الآن هي، على أي أساس قرر فريق ترك طريقة التغير وتبني
طريقة التقبل؟! ولماذا يميل أغلب المعالجين، حتى العرب منهم، إلى الطريقة
الثانية؟ ألأن طريقة التغير تتطلب مهارة وجهدا واسثمارا في معدات خاصة
ومعارف متطورة بينما الثانية لا تتطلب إلا إنصاتا ومحاولة للإقناع بالتقبل
والاختيار الحر؟!
جوهر الإجابة هو أن التضاد ليس في العلم نفسه، وإنما
هو بين العلماء؛ فلكل إنسان معتقداته الخاصة تؤثر حتى في كيفية تعامله مع
المعرفة، والمعرفة السيكولوجية في جانبها الموضوعي تقرر أن السلوك الجنسي،
كأي سلوك آخر، يمكنه أن يتغير بطرق تقنية، لا تقول أنه مرض وإنما هو سلوك
مُتعلم ويمكن تغييره بإعادة التعلم. أما عن الجانب الايديولوجي، فمن يقيم
وزْنا للتعاليم الدينية والقيم الثقافية يجب أن يلجأ إلى التغير لأن هناك
إمكانية له، ومن لا يأبه إلى هذا فذاك شأنه. فقط نُذكر، ليس من العدل
والدين والديمقراطية والقيم الإنسانية المعاصرة في شيء محاولة البعض إقصاء
إمكانية التغير لأناس يرغبون فيه فعلا. لا بد من أن نذكر بهذا حتى نقطع
الطريق على الذين يتحدثون بهذه الأشياء ويتمسحون بها لتبرير ليس الممارسات
المثلية وإنما إخراجها إلى العلن وتفشيها، وعلى الذين يحاولون إيهامنا بأن
دولا تعتز بمرجعيتها الإسلامية كالمغرب، إنما تتقدم بمفهوم آآآآآآآخر
للحقوق غير الذي تقدمت به الأمم!