[/size]





إذا قدر لأحدنا أن يذهب إلى مناسبة عامة يلتقى فيها بعض
الشخصيات التى لها بعض الأهمية فإنه يحرص على أن يصلح ظاهره ويهندم مظهره
فتصبح لياقته وأناقته على أكمل وجه .. وعندما نكون بين الناس .. فالغالب ان
يحرص الجميع على حسن التلفظ بإنتقاء الألفاظ والعبارات وجميل القول
والمعنى .. وعندما نظهر بين الناس فإننا نؤدى الأعمال كما يجب أن تؤدى ..
والشاهد .. أننــا نستشعر مراقبة الناس لنا فى لباسنا وأعمالنا وأقوالنا
فنحرص أن نظهر بالصورة التى تجملنا فى أعينهم وترفع قدرنا عندهم والتى نحب
أن يرونا عليها ..


ولا نلوم من يهتم بظاهره ويجمله من قول
أو فعل أو عمل .. ولكن ألا حرصنا على العناية بالباطن كحرصنا على العناية
بالظاهر .. ألا حرصنا واستيقنا رقابة الله لنا فى كل خاطرة وشاردة كما نهتم
ونغتم بمراقبة الناس .. ألا حرصنا على إصلاح القلوب وتطهيرها وتزكية
النفوس وتقويمها كحرصنا على إصلاح الظاهر وتقويم الأقوال والأفعال .. فالقاعدة الشرعية
الجمع والتلازم بين الباطن والظاهر .. فلا عبرة بصلاح الظاهر مع فساد
الباطن، هلا حرصت على صلاتك وأنت تقف بين يدى الله .. تعلم عظمة من تقف بين
يديه .. خاشعاً بقلبك وجوارحك .. ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾ غافر 19 .




هل عودت قلبك على هذا الخشوع والخضوع والخنوع بكمال الله وقدرته وأنت تقرأ آياته فتأتمر بأوامره وتنزجر بنواهيه .. ﴿لَوْ
أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآَنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا
مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا
لِلنَّاسِ
لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ الحشر 21 . هل تفكرت وخشعت ورجعت !! .. هل
حاولت إصلاح قلبك ونفسك .. !! . يقول أبو سليمان رحمه الله: «الخاسر
من أبدى للناس صالح عمله ، وبارز بالقبيح من هو أقرب إليه من حبل
الوريد» .










فبصلاح هذه المضغة تصلح باقى الجوارح .. وبفسادها
تفسد باقى الجوارح .. وكيف يستقيم الظل والعود أعوج .. وحصن القلب وحاميه
هو
الإيمان .. والقاعدة الشرعية: الإيمان قول وعمل ، يزيد بالطاعة وينقص
بالمعصية .. فالقلب يحتاج إلى من يتعهده ويتفقده بمواطن حاجته .. يقول عبد
الله بن مسعود رضي الله عنه: «اطلب
قلبك في ثلاثة مواطن: عند سماع القرآن .. وفي مجالس الذكر .. وفي أوقات
الخلوة .. فإن لم تجد قلبك في هذه المواطن فسل الله أن يمن عليك بقلب فإنه
لا قلب لك» .أهـ .





سير الدنيا سير أقدام وأبدان أما سير الآخرة فسير
القلوب .. ومفاسد القلوب التى تقطع السير كثيرة .. فالفراغ مفسدة للقلب ..
والنظر إلى ماحرم الله مفسدة للقلب .. والسمع لما لا يرتضيه الله مفسدة
للقلب .. والميل إلى الشهوات والملذات مفسدة للقلب .. كل هذه الأمور تطمس
الخير
فى القلب وتغطى عليه غطاء فوق غطاء من الذنوب والمعاصى .. يقول الشيخ
السعدي رحمه الله في تفسيره لقوله تعالى: ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى
قُلُوبِهِمْ﴾ يقول:
«التحذير من الذنوب، فإنها ترين على القلب وتغطيه شيئا فشيئا، حتى ينطمس
نوره، وتموت بصيرته، فتنقلب عليه الحقائق، فيرى الباطل حقًا، والحق باطلا
وهذا من بعض عقوبات الذنوب» . أهـ ... وقال الحسن البصري : «هو الذنب على الذنب، حتى يعمى القلب، فيموت» . أهـ .












فالسير للآخرة والعمل للآخرة من صفات القلوب الصالحة التى
تحرص على تقوى الله والعمل على رضاه والإيمان بقضائه وقدره والإمتثال
لحكمه وأمره قبولاً وإذعاناً .. وعلينا أن نقوى قلوبنا بالإيمان .. وعلى غير ذلك فالقلوب أيضاً تصدأ وتمرض وتموت ...




القلوب تصدأ وتمرض وتموت .. إن لم تروى بكلام الله وتغذى بذكره وتتعاهد بمجالس العلم وتجدد بالتفكر فى آلائه ونعمه ..
القلوب تصدأ وتمرض وتموت إن ركنت إلى الخمول والتكاسل وطول الأمل وحب الدنيا ..
القلوب تصدأ وتمرض وتموت إن لم نشغلها بالحق فشغلت بالباطل وحادت وتاهت ..
القلوب تصدأ وتمرض وتموت إذا طغت الشهوات والشبهات وهى أصول كل الآفات ..
القلوب تصدأ وتمرض وتموت إذا كثرت الذنوب وتراكمت المعاصى فامتدت جذورها وضربت بأطنابها ..
القلوب تصدأ وتمرض وتموت إذا استشرى الحقد والغل والحسد ..
القلوب تصدأ وتمرض وتموت إذا تمكن داء العجب فتكاثرت أصنام الذات ورَددت الفضل لنفسك متغافلاً عن فضل الله ومننه وكرمه ..
القلوب
تصدأ وتمرض وتموت إذا عميت القلوب ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ
وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ الحج46 .
القلوب تصدأ وتمرض وتموت إذا استسلمت لمنازلات ومواقعات الشيطان فيظفر بك ويصول ويجول ..
القلوب تصدأ وتمرض وتموت إذا قل خوفك من الله .. فعلى قدر علمك به يكون خوفك منه ..




المؤمن الفطن الحصيف هو الذى يجاهد نفسه ويروض قلبه أن
يكون قلباً منيباً وجلاً .. يتفكر ويرجع ويخشع .. يتذكر النعم ويردها لصاحب
الفضل .. يقوى صلته بالله .. يسير بقلبه إلى الله .. ويعمل عمل أهل الجنة
.. حتى يأتى الله بقلب سليم .. عامر بالطاعات .. أشرقت فيه أنوار الإيمان .




اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك .. اللهم آت
نفوسنا تقواها زكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها .. نسأل الله أن
يصلح قلوبنا ويزكى نفوسنا .. ويجعل قلوبنا صالحة عامرة بالإيمان ونور
اليقين .. وأن يهديها إلى كل خير ويجنبها كل شر .. إنه ولى ذلك والقادر
عليه ..



وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .





وكتب :

عبد الرحمن اعتراف

18 محرم 1432 هـ





[/size]
[b]لا تنسونا من دعائكم الصالح


[/b]
[size=9]قال صلى الله عليه وسلم: (من دل على خير فله مثل أجر فاعله) [size=7][ رواه مسلم ] .. قال النووي رحمه الله: "دل بالقول، واللسان، والإشارة، والكتابة"



أتمنى من الله أن نكون ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وصلّ اللهم وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..

هذا والله تعالى أجل وأكرم وأعلم .. سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.


تقـبل الله منـا ومنكـم صالـح الأعمـال