((إضاءة رائعة ومميّزة على [النبيّ يُوسُف] عليه السلام وخِطّّته الإجتماعيّة، وقصته مع"الفِرعَوْن المُسلم")).

ــ1<(*!!*)> كانأوّل الفراعنة ((سنان بن علوان)) بن عبيد بن عويج (عولج) بن <عملاق> بن لاوذ بن سام بن النبي[نوح] عليه السلام.والعماليق هم من العرب العارِبة.
==> وكان حكمه لمصر في زمن النبيّ إبراهيم ‏ عليه السلام.‏
ــ2<(*!!*)>ثم جاء الفرعون الثاني (( الوليد بن ثروان )) الذي سار على نفس منهج سلفه من الظلم والإستعباد للعباد..
ــ3<(*!!*)>ثم جاء الفرعون الثالث الذي سأتحدّث عنه.. والذي كان ملك ملوك عصره.. فهو ((الريّان بن الوليد)) بن ثروان (الهروان) بن اراشه بن فاران بن عمرو بن <عملاق> بن لاوذ بن سام بن نوح عليه السلام.‏. وهو من أعظم وأفضل وأشهر الفراعنة على الإطلاق..
وإنّ حكمه لمصركانفي زمن [النبيّ يوسف] عليه السلام..
<><> وكان عظيم الخُلُق ، جميل الوجه ، عاقلًا .. ومن أقوى أهل الأرض في زمانه وأعظمهم مُلكاً..
<(!!!)> وكانت تلك البلاد قد إختلّ أمرها لمّا زالت "دولة القبط الأولى" عنها وملكها " العمالقة" (أي العرب العاربة).. وكان خراجها في زمن فرعون الاوّل تسعين الف الف دينار.. ولكن في ايام [الريّان] بن الوليد ، ونائبه [يوسف] عليه السلام ، وصل خراجها الى أكثر من مائة الف الف دينار ‏.. ‏أي وصل الى قمّة الذروة بالرغم من سنوات الجدب التي نزلت بهم ..
<><> واللافت للإنتباه فإنه في عهد
((الملك الريّان ونائبه النبي يوسف)) أوجدا نظاما عادلا وإنسانيّا وحضاريّا ..
<(!*!)>فقد ذكر الأسدي (( بأنّ الجبايات في ذلك الزمن كانت تُجبى سنويّا ، و كانت تقوم على العدل والإنصاف والرسوم الجارية من غير تأوّل ولا إضطّهاد ، ولا مشاحة ))..
==> وكان يُصرف للأرامل والأيتام فرضًا معيّنا لهم من بيت المال حتى وإن كانوا غير محتاجين اليه ، وذلك لكي لا تخلو امالهم من برّ يصل اليهم .. كما كان يُصرف الى الكهنة وأئمّتهم وسائر بيوت صلواتهم ..
==> وكان يُنادى في الناس‏:‏ ((برٍٍئت الذٍمّة من رجل كشف وجهه لفاقة ، فليحضر (إلينا) فلا يُردّ عند ذلك احد ، والأُمناء جلوس (بإنتظار قدومهم) )) ..

من كتاب "المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار" ..

<{{**}}> ولقد أنزل الله عزّ وجلّ في شأن نبيّه يُوسُفُ سورة من القرآن بإسمه وهي سورة يُوسُف ، لنتدبّر ونستفيد من تلك الإمتحانات الصعبة والحكم والمواعظ والآداب..
*** قال تعالى :{{ ‏إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ * قَالَ يَابُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ* وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ َحكِيمٌ‏* لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ}}‏. يوسف 4-7.‏‏
*** عَنْ اَبِي هُرَيْرَةَ، اَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: [[اِنَّ الْكَرِيمَ ابْنَ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ اِسْحَقَ بْنِ اِبْرَاهِيمَ]]. مسند أحمد.
<(!!!)> وذكر إبن كثير في البداية والنهاية بأن (النبي) [إسحاق] لمّا تزوّج [رفقا] بنت بتواييل في حياة أبيه (إبراهيم‏ عليه السلام وأمّه سارة) ولدت له غلامين توأمين‏،،وهما: [العيص] وهو والد الروم‏ ، و‏الثاني‏‏ خرج وهو آخذ بعقب أخيه، فسمّوه [يعقوب]، وهو ((إسرائيل)) الذي ينتسب إليه بنو إسرائيل‏ ، وكان قد تزوّج - وبغير إرادته - [ليّا] إبنة خاله[لابان]الذي كان يعيش بأرض حرّان ..وكانت ضعيفة العينين ، قبيحة المنظر.. فأنجبت له 10 اولاد من الذكور .. ثم تزوّج شقيقتها الصغرى [راحيل] ، (وكان ذلك مسموحا به يومئذ)..وكانت جميلة الوجه ، حسنة الشكل .. فولدت له غلامينً اولهما [يوسف] ثم [بنيامين] وخلال ولادتها له جهدت في طلقها به جهداً شديداً، وماتت عقب الولادة،
ولهذا فإن يوسف وبنيامينعاشا عند خالتهما التي هي شقيقة أمهما وزوجة أبيهما.
<##‏> وكان [يوسف] جميل الوجه وحسن الشكل.. وقد جاء في حديث الإسراء ‏اَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ‏[[ ‏فمررتُ بيوسف ، وإذا هو قد أُعطي شطر الحسن‏]]‏‏.‏. ويوسف كان على النصف من حسن آدم عليهما السلام ، وآدم كان في غاية ونهاية الحُسن البشري ، ولهذا يدخل أهل الجنّة الجنّة على طول آدم وحسنه.. ولم يكن بينهما أحسن منهما ، كما أنه لم تكن أنثى بعد حواء أشبه بها من سارة إمرأة الخليل عليه السلام وكانتا من اجمل النساء‏..‏
وبسبب جمال يوسف الباهر وقعت له كثير من الإبتلاءات والمُضايقات ، وبالذات من سيّدته إمرأة العزيز التي كانت هائمة بحبّه الى حدّ الجنون.. ولما زادت المتاعب ووصل به الأمر الى إتخاذ احد الخيارين:1- إمّا السجن وإرضاء ربّ العالمين.. 2- وإمّا المعصية وإتباع الشيطان والهوى .. فإختار الإنتصار على إبليس اللعين ، وعلى شهوته وهواه ، وأراد أن يكون عبدا صالحا لله الذي يرعاه ويحميه ، والذي أنقذه من ظلم إخوته وشرورهم بعد ان كادوا يقتلوه..
<><> لهذا فإن حياة النبيّ [يوسف] كانت قاسية جدا منذ طفولته وحتى شبابه!!!
<(!**!)>ولقد مرّ في مراحل خمسة ، كانت ثلاثة منها صعبة للغاية..
1-
<{##}>فـ[المرحلة الأولى]: كانت شديدة جدا عليه ، حيث ماتت أمّه[راحيل]وهو ما زال طفلا.. ــ فترعرع عند خالته [ليّا] زوجة ابيه وشقيقة أمِّه وكذلك مع إخوانه من ابيه الذين كانوا قساة القلوب.. وهذا ممّا زاد الأمر قسوة على يتمه..
ــ
وكانت حياته تزداد مرارة وتعقيدا كلما كبر أكثر فأكثر.. فإخوانه من أبيه بدأ ينفذ صبرهم نحوه من الغيرة والحسد ، لأنه كان آية بالجمال والطيّبة،، وكان لطيفا وعاقلا ورزينا ومحبوبا من جميع الناس ، وبالذات من والده النبي يعقوب الذي كان يعامله معاملة خاصّة ومميّزة..

ــ وكأني اشعر بأن الوحي قد أعلمه بأن ولده يوسف قد إختاره ربّ العالمين للنبوّة المشرّفة الطاهرة ، وأنه سيكون في حمى الله وحفظه ورعايته..
ــ وكان قلب يوسف وعقله وإحساسه وكل حركاته وكلماته وتصرّفاته مسخّرة لرضى الله وفعل الخير..

2-
<{##}>ثم جاءت [المرحلة الثانية]: وهي محنة إلقائه بالجبّ ، وبيعه لعزيز مصر ، ومحنة إفتراء زوجة العزيز عليه…-
-
3-
<{##}>ثم جاءت [المرحلة الثالثة]: وهي محنة سجنه لمدّة 7 سنوات بدون أي ذنب إرتكبه سوى جماله الباهر الفاتن ، وطهارته وعفّته ووفائه ..-
-
4-
<{##}>ثم جاءت [المرحلة الرابعة]:وهي ظهور براءته أمام الملأ ، وتغيّر حياته ومكانته الإجتماعية ،، وبإنتقاله وخلال ساعات من ولد تمّ بيعه ، وسجين لفترة سبع سنوات بدون ان يسأل عنه أحدالى مستشار الملك وموضع ثقته الكبيرة .. ثمّ يموت <العزيز> الذي هو بمثابة "رئيس الوزراء" في عصرنا ، فيُعيّن يوسف مكانه ..
ــ ويصبح سيّدا عظيما نبيلا حكيما لا مثيل له بعصره على الإطلاق!! بل ليصبح الشخصية الثانية في البلاد ، أي ان مرتبته تأتي من بعد الملك مباشرة !!!
-
-
5-<{##}>ثم جاءت [المرحلة الخامسة]: ليتمّ تتويج ذلك كلّه بمفاجأة لم يكن يتوّقعها أي عاقل !!! حيث وفـّق الله النبي يوسف بأن يحوّل الملك من (فرعون) مُلحد الى (مُسلم) يوحّد الله .. فسبحان الهادي في عظمته وتوفيقه لعباده !!!
*** قال تعالى :{{ وَقَالَ [الْمَلِكُ] إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ}}.يوسف 43..
<(!*!)> وذكر إبن كثير بأنّ أهل الكتاب‏ يقولون إنّ الملك (الريّان بن الوليد) رأى كأنه على حافة نهر، وكأنه قد خرج من النهر سبع بقرات سمان، فجعلن يرتعن في روضة هناك.. فخرجت سبع (بقرات) هزال ضعاف من ذلك النهر، فرتعن معهنّ، ثم ملن عليهنّ فأكلنهن ّ.. فإستيقظ مذعوراً‏.‏. ثم نام فرأى سبع سُنبلات خضر في قصبة واحدة ، وإذا سبع أخر دقاق يابسات فأكلنهنّ .. فإستيقظ مذعوراً.. فلمّا قصَّها على ملئه وقومه لم يكن فيهم من يحسن تعبيرها ،، حتى وضّحها لهم النبيّ يوسف عليه السلام ..
<##> وهذا كان من جُملة أسباب خروج يوسف عليه السلام من السجن على وجه الاحترام والإكرام .. ثم ان الـ فرعون عظَّم يوسف عليه السلام جداً، وسلَّطه على جميع أرض مصر، وألبسه خاتمه (أي أصبح يختم بختم الملك ، وهذا يدل على أن سلطته أصبحت من اعلى السلطات وأرفعها )، وألبسه الحرير، وطوّقه الذهب، وحمله على مركبه الثاني، ونودي بين يديه‏:‏ "بأنك أنت سيّد ومسلّط".. وعمل فيهم بالعدل.. لهذا أحبّه الملك وإسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِه وجعله من خاصته ومن أكابر دولته ، ومن أعيان حاشيته ..
وقال فرعون له ‏:‏ << لستُ أعظم منك إلاّ بالكُرسي >>.. وزوّجه إمرأة عظيمة الشأن‏ من قريباته ، فولدت ليوسف عليه السلام ولدين وهما‏:‏ [أفرايم] و[منشا] زوجة النبي أيوب عليه السلام .وهذا كله من جزاء الله وثوابه للمؤمن مع ما يدّخر له في آخرته من الخير الجزيل والثواب الجميل‏.‏
<(!*!)> وذكر محمد بن إسحاق ان صاحب مصر- (الملك) الوليد بن الريان- أسلم (أي آمن بالله تعالى) على يدي يوسف عليه السلام ..‏
<(!*!)> وجاء في تاريخ أبي الفداء المُسمّى المختصر في أخبار البشر بأنه لما مات العزيز الذي كان اشترى يوسف جعل فرعون يوسف موضعه على خزائنه كلها ، وجعل القضاء اليه ، وحكمه نافذاً .. ودعا [يوسف] الملك الريّان الى الايمان ، فآمن به ، وبقي كذلك الى ان مات ..
<(!*!)> وذكر إبن الأثير بأنّ الملك"الريّان بن الوليد" لم يمُت حتى آمن بدين يوسف. ومات ويوسف حيّ..
<(!*!)> وذكر إبن كثير بأنّه لما وُلّي يوسف عمل مصر دعا الملك الريّان الى الايمان فآمن .. ولاحقا وفي زمن موسى عليه السلام آمنت أيضا حفيدته << اسية بنت مزاحم >> بن عبيد بن الريّان بن الوليد..
<(!*!)> وذكر إبن الأثير في "الكامل في التاريخ" بأنه ‏لمّا جاء البشير‏ (يهودا) الى والده يعقوب‏ بقميص [يوسف] ..‏
ــ قال له يعقوب‏:‏ ((كيف تركت [يوسف])) ؟؟ ــ قال‏:‏ انه ملك مصر..
ــ قال‏:(( ما اصنع بالمُلك،على ايّ دين تركته ))؟؟
ــقال‏:‏((على الاسلام))..
ــ قال‏:‏((الآن تمّت النعمة)) .. ثم ارتحل يعقوب وولده من فلسطين الى
مصر.. فلمّا دنا من مصر، خرج يوسف يتلقّاه ، ومعه اهل مصر ، وكانوا يعظّمونه .. وكان يعقوب يمشي ويتوكّأ على إبنه "يهودا"..

ــ فلما دنا من ولده يوسف ، نظر يعقوب الى الناس والخيل..
ــ فقاللولده (يهودا):(( يا بُنيّ ؛ (هل) هذا فرعون مصر)) ؟؟
ــ قال‏:‏ (( لا ،، هذا إبنك يوسف )).. (فهو لم يعرف إبنه بسبب الخوذة التي كانت تُغطّي غالبية وجه يوسف ، وبسبب لباسه الرسمي المُشابه تماما للباس الملك)..
فلمّا إقتربا من بعضهما اراد يوسف ان يبدأ والده بالسلام ، وإذا
بوالده[يعقوب] يقولله ‏:‏((السلام عليك يا مُذهب الأحزان)) .. لانّه لم يفارقه الحزن والبكاء مدّة غيبة يوسف عنه‏.‏.==> ثمّ توفي [الريّان]أي ذلك الملك المؤمن العادل..
ــ4<(*!!*)>ثم جاء الفرعون الرابع ((دارم)) (دريموش) بن الريّان، فخالف سُنّة أبيه..

==> وبقي [ يوسف] في منصبه، فكان يصبر عليه.. فيقبل منه تارة ويخالفه تارةً.. ودعاه الى الإيمان فلم يؤمن ..
<(!*!*!)>وذات يوم جاء ما كان ينتظره [يوسف] طول حياته،، حيث جاءت رسُل الله عزّ وجلّ تبشّره وتدعوه للإنتقال الى داره الصحيحة عند ربّه تعالى من بعد أن أصبحت سلطته من اعلى السلطات وأرفعها بمصر، ووصل الى مكانة قال له الملك‏ (لستُ أعظم منك إلاّ بالكرسي)) ، وكانت تلك المكانة العالية تمكّنه من مساعدة كل الناس وبالذات الفقراء وأصحاب الحاجة ، في زمن كان يعمّ فيه القحط والجوع والفقر على سائر البلاد والعباد..
وكانت وفاة يوسف عليه السلام في زمن دارم بن الملك الريّان.‏.
ــ5<(*!!*)> ثم ومن بعد وفاته جاء الفرعون الخامس "قابوس بن مصعب"،، وكانت امرأته آسية بنت مزاحم رضي الله عنها قد آمنت بـ النبي موسى عليه السلام..

ــ6<(*!!*)> ثم ومن بعد وفاته جاء الفرعون السادس "الوليد بن مصعب" الذي كان من أخبث وأسوأ وأظلم الفراعنة ، قاتله الله،وسيأتي ذكره لاحقا بإذن الله في زمن النبي موسى عليه السلام.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
والى متابعةالإضاءاتالتاريخية قريباً بإذن الله.


وتقبّلوا جميل تحياتي ،،، المستشار محمد الأسعد